أيها الاخوة المسلمون:
إن كون الله تعالى هو وحده القادر على إنزال الغيث أمرٌ يعتقده كل مسلم، بل ويعتقده كثيرٌ من المشركين.
قال الله تعالى: ولئن سألتهم من نزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون.
فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل. فلما انصرف أقبل على الناس
فقال: ((هل تدرون ماذا قال ربكم؟ ))
قالوا الله ورسوله أعلم. قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب. وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)) [رواه مسلم].
نحن نعلم أن هناك سنناً كونية ثابتة بثها الله تعالى في هذا الكون. فكل ما في هذا الكون يسير وفق هذه السنن التي أوجدها الله، ويحكمه نظام محكم دقيق أوجده أحكم الحاكمين.
ولكن الله الذي أوجد هذه السنن الكونية قادر على أن يخرق هذه السنن متى ما أراد، بحيث لا تعمل عملها المعتاد، وإنما تعمل وفق إرادة الله ومشيئته إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون.
المطر جند من جنود الله، أهلك الله جل وعلا بهذا المطر الذي نراه سهلاً يسيراً عذباً زلالاً بل نستسقي من أجله،
***أغرق الله جل وعلا بهذا المطر أقواماً تمردوا على شرع الله،
وفسقوا وظلموا فكان عاقبتهم أن سلط الله عليهم هذا الجندي،
فأغرق القوم،
قال الله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيم 5 وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوحٌ ابنهُ وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سآوي إلى جبلٍ يعصمُني من الماء قال لا عاصمَ اليومَ من أمر الله إلاّ من رحمَ وحالَ بينهما الموجُ فكان من المغرقين وقيل يا أرضُ ابلعي ماءك ويا سماءُ أقلعي وغيض الماءُ وقضي الأمر واستوت على الجوديّ وقيل بعداً للقوم الظالمين هذا المطر كان هنا وبالاً على الظالمين الكافرين.
وكان أيضاً جنداً من جنود الله، ووقف في صفِ الجيوشِ المسلمة كما حصل في غزوة بدرٍ إذ يغشيكم النعاسَ أمنةً منه وينزلُ عليكم من السماءِ ماءً ليطهركم به ويذهبَ عنكم رجزَ الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام.
فمن ذا الذي جعل المطر يأتي بهذه الصورة؟
أهي مجرد صدفة؟
إنها إرادة أحكم الحاكمين، ومن هو على كل شيء قدير.
إرادة من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. فهل ندّكر ونعتبر أم على قلوب أقفالها.
إن إيماننا بهذه الأمور يجب أن يكون إيماناً حقيقياً وعملياً مؤثراً، يدفعنا إذا حصل عندنا نقص في الأمطار إلى محاسبة أنفسنا،
وتسديد النقص وأداء الواجب واجتناب المحرم،
وإذا حصل زيادة في الأمطار تؤدي إلى الأضرار...
أن نحاسب أنفسنا أيضاً لنرى من أين أتينا!!!
أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم
وقال تعالى: ظهر الفساد في البر والبحر بما @استغفر الله @بت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون أي حصل النقص والضرر على البلاد والعباد والدواب والنباتات بسبب معاصي بني آدم.
فالله تعالى يبتلى من يشاء بنقص الأموال والأنفس والثمرات اختباراً منه، ومجازاة لهم على صنيعهم وبلونهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون.
هذا والحق تبارك وتعالى يقول: وما أصابكم من مصيبة فبما @استغفر الله @بت أيديكم ويعفو عن كثير ويقول سبحانه:
ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فإذا غيَّر الناس من الطاعة إلى المعصية،
ومن الاستقامة إلى الانحراف،
ومن الهدى إلى الضلال غير الله تعالى عليهم،
فبدل بالنعم النقم، وبالسعة ضيقاً، وبالأمن خوفاً، وبالغنى فقراً،
جزاءً وفاقاً وما ربك بظلم للعبيد.
** قد تحدث في بعض البلاد زلازل وبراكين،
** وقد تحدث رياح عاتية، وأعاصير مدمرة،
** وقد تحصل أمطار غزيرة وبرد،
** وقد تقل الأمطار حتى تتأثر الزروع والبهائم ويحصل القحط،
** وقد تحدث فيضانات، وقد تحدث أمور غيرها.
فالماديون يرجعون حدوث مثل هذه الأمور إلى الطبيعة فحسب، وكأنها هي الخالق المدبر المتصرف،
ولا يربطون بين حدوثها وبين الوقوع في معاصي الله وانتهاك محارمه والإعراض عن دينه.
ولهذا لا يرتدع من كان ضالاً عن ضلاله،
ولا يستقيم المنحرف ولا يرجع عن انحرافه.
يبقى المقصر في الصلاة مقصراً فيها إلا من رحم ربك،
ويبقى من يأكل الربا على ذلك،
ويستمر من لا يخرج زكاته على هذا الفعل،
ويظل من يشاهد أفلام الفساد يشاهدها،
ومن يسعى لمقارفة الفواحش على مقارفتها وهكذا.
***/// يستمرون على أفعالهم المحرمة وممارساتهم المنكرة لأنهم لم يعتبروا حدوث هذه الأمور مواعظ لهم. وإنما اعتبروها أموراً طبيعية بحتة، لا علاقة بين حدوثها وبين ممارساتهم وواقعهم المنحرف.
أما المسلم الحق الذي يرجو رحمة ربه ويخشى عقابه فإنه يعتبر هذه أموراً طبيعية. ولكنها مربوطة بمشيئة الله وإرادته.
يصرفها سبحانه كيف يشاء، وقد يرسلها نعمة، وقد يرسلها نقمة،
وقد يرسلها رحمة، وقد يرسلها عذاباً.
ولهذا نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف ذلك في وجهه،
فقالت له عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله!
الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر.
وأراك إذا رأيته عُرِفَتْ في وجهك الكراهية؟
فقال: ((يا عائشة! ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب. قد عذب قوم بالريح، وقد رأى قومٌ العذاب فقالوا: هذا عارض ممطرنا)) [رواه البخاري ومسلم].
وكان صلوات الله وسلامه عليه إذا عصفت الريح قال:
((اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به.
وإذا تخيلت السماء (يعني تغيمت وتهيأت للمطر) تغير لونه وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مَطَرتْ سرَّي عنه)) [رواه مسلم].
هكذا كان سيد الخلق وأعرف الناس بربه.
فما بالنا نحن نغفل عن هذا وكأننا بمأمن من أن يصيبنا العذاب بالريح أو بالمطر أو البرد أو الزلازل أو غيرها !!!!؟؟؟
هل ندرك هذا أم نبقى نقول بأن هذه أمور وظواهر طبيعية، لا علاقة بين حدوثها وبين أعمال الناس وتصرفاتهم؟
ومن تاب تاب الله عليه، وإني لغفار لمن تاب وءامن وعمل صالحا ثم اهتدى.
بارك الله لي ولكم. .
اللهم رحمة اهد بها قلوبنا. .